بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

         ليس من شك في أن طرح قضية "الحرية والأدب" ليتناولها النقاش ويثار حولها الجدل، أمر يفرض نفسه على الأديب العربي المعاصر في غير قليل من العنف والإلحاح، فالأمة العربية تجتاز فترة دقيقة وعصيبة من تاريخها، نرى فيها شعباً كاملا تغتصب منه بلاده ويلقى به في الملاجئ والمخيمات، ومناطق تحتل من الوطن العربي في شرقه وغربه، وحرية الإنسان العربي تداس وتخنق في هذا البلد أو ذاك.

 

         وانطلاقاً من هذه الحقيقة، فإن الحديث لن يكون مجرداً ونظرياً بعيداً عن أي موقف، لأن الحرية من حيث هي قيمة ومبدأ لا تختلف عند الناس، وحتى عند أعدائها، إلا من حيث الموقف الذي يتخذونه. ولن يكون متخيلا مثالياً لأنها في هذه الحالة لن تتحقق. ففكرة الحرية مرتبطة دائما بوضع الجماهير وتطلعاتها ومنبثقة من واقع المواطن والأمة، تتأثر به وتؤثر فيه بعد أن تصبح حقيقة.

 

         وليس في هذا ما يتعارض مع طبيعة الموضوع، طالما أن الهدف من البحث عن الحرية في أدبنا القديم هو تحسس مواطن هذه الحرية وحصر معانيها وأبعادها وتحديد رؤى الأدباء لها، حتى تكتمل الصورة في أذهاننا لتكون لنا دافعاً للتأمل والتجديد والانطلاق.

 

 

طبع في مايو 1971                                                             عباس الجراري